ديون وكساد وطوابير طويلة حال المصريين خلال أيام "ثورة الغضب"
8/2/2011
ديون وكساد وطوابير طويلة حال المصريين خلال أيام "ثورة الغضب"
ديون وكساد وطوابير طويلة حال المصريين خلال أيام "ثورة الغضب"
عرض ملايين المصريين لأزمات مالية طاحنة مع اندلاع احتجاجات شعبية واسعة أجبرتهم على الاصططاف في طوابير طويلة منذ الساعات الأولى من صباح كل يوم للحصول على السلع الغذائية حيث يبدو الجميع في سباق محموم قبل بداية مواعيد حظر التجوال الذي لا يطبق إلا على المحلات التجارية.
وقررت الحكومة المصرية الدفع بملايين الموظفيين إلى مقار أعمالهم في عودة جزئية لمظاهر الحياة الطبيعية التي أصابتها الشلل منذ 25 يناير الماضي مع اندلاع احتجاجات شعبية طالبت بحدوث تغييرات جذرية في الجوانب السياسية والاقتصادية.
وتسابق أيضا مئات الآلاف من العمالة المؤقتة للفوز بفرصة عمل بعد عطلة إجبارية طويلة أصابتهم بأزمة مالية طاحنة وأغلقت مصادر رزقهم.
وسجلت معظم السلع الأساسية في مصر ارتفاعات قياسية في الأسعار، حيث ارتفعت أسعار بعض السلع الأساسية من الخضر و الفاكهة واللحوم البيضاء وكروت المحمول وتوقف أعمال التوريد لبعض السلع البترولية نتيجة توقف حركة القطارات والطرق.
وشهدت الأسواق منذ يوم 25 يناير الماضي تهافت المواطنين على شراء السلع الأساسية في محاولة لجمع أكبر مخزون استراتيجي تحسبا لأي طارئ يحدث في الأيام المقبلة بعد انطلاق مظاهرات غاضبة تطالب بتنحي الرئيس محمد حسني مبارك.
وارتفعت أسعار الخضر والفاكهة إلى الضعفين وكذلك ارتفعت أسعار الخبز من مكان إلى أخر فهناك رغيف 75 قرش مع مغالاة بائعي الخضر والفاكهة فالفاصوليا الخضراء تجاوزت 8 جنيهات.
ويرجع سبب الزحام إلى ما تعرضت له بعض المحلات الكبرى من تخريب وحرق وقيام محلات أخرى بإغلاق أبوابها خوفا من الهجوم وبالتالي لم تعد منافذ البيع المتاحة كثيرة ومنتشرة كما سبق.
وشهدت أسعار كروت الشحن ارتفاعات قياسية بلغت نحو 70% حيث يباع كرت الشحن لمختلف شركات الاتصالات العاملة في مصر بـ 17 جنيها مقابل 10 جنيهات سعرها الرسمي.
وأكد الدكتور عمرو بدوي الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات إنه لم يحدث أي زيادة في أسعار خدمات التليفون وأسعار كروت الشحن من جانب شركات المحمول.
وأرجع الدكتور عمرو بدوي أن ارتفاع أسعار كروت الشحن في السوق السوداء جاء بسبب جشع بعض التجار ومحاولة الكسب السريع وكذلك قلة المعروض في السوق نظرا لإغلاق شركات المحمول وعدم طرح كميات جديدة إو إضافية تلبي احتياجات المستهلكين في ظل الطلب المتزايد بسبب اطمئنان المواطنين على ذويهم وطالب بضرورة ملاحقة هؤلاء التجار وتقديمهم للمحاكمة.
وأكد الدكتور حمدي عبدالعظيم الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية في تصريحات خاصة لشبكة الإعلام العربية "محيط" أن خسائر الاقتصاد المصري جراء الاحتجاجات التي اندلعت مؤخرا ترتفع إجمالي فاتورتها بشكل يومي مع تأثير المظاهرات الشعبيبة المتواصل على شتى قطاعات الاقتصاد المصري بدءا من البورصة المصرية وقطاع السياحة والنقل والطيران فضلا عن خسائر عمليات الإحراق للممتلكات العامة والخاصة.
وقال: إن البورصة المصرية كانت أول الخاسرين في قطاعات الاقتصاد المتعددة، حيث بلغت الخسائر 69 مليار جنيه (12 مليار دولار) وذلك على مدار آخر جلستين للتداول خلال الأسبوع قبل الماضي في ظل هروب جماعي للمستثمرين، خاصة الأجانب.
وأشار دكتور حمدي إلى أن قطاع السياحة تعرض لخسائر فادحة حيث خرج أكثر من مليون سائح من البلاد ووصل إجمالي الخسائر إلى نحو 1.5 مليار دولار ، حيث نصحت العديد من الدول الأجنبية رعاياها بعدم القدوم إلى مصر إلى أجل غير مسمى فضلا عن طلبها من رعاياها القدوم إلى مقار السفارات وكل ذلك يعطي مؤشرا على انخفاض الحركة السياحية في الفترة الحالية والقادمة حتى تتضح الأمور السياسية وتهدأ الثورة الشعبية التي اندلعت مطالبة بتغيير النظام وإقالة الرئيس المصري محمد حسني مبارك.
وأضاف: إن مناخ الاستثمار تأثر بصورة مباشرة خاصة مع عزوف المستثمرين الجانب عن الاستثمار في مصر فضلا عن خروج بعضهم من السوق المصرية، مما سبب فراغا رهيبا في مناخ الاستثمار في مصر.
ومع إجبار الحكومة المصرية شركات اتصالات الهاتف المحمول العاملة في السوق المصرية على قطع الخدمة عن ملايين المشتركين خلال أمس الأول الجمعة، توقع الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن تصل خسائر تلك الشركات إلى نحو 10 مليارات جنيه، حيث ستتحمل تلك الشركات (فودافون وموبينيل واتصالات) وحدها تلك الخسائر الفادحة، ولن تقوم الحكومة المصرية بتعويضها رغم أنها هي التي طلبت منها قطع الخدمة، فضلا عن ظهور بعض الناشطين بتقديم بلاغات للنائب العام بخصوص قطاع تلك الشركات الخدمة عنها وما تسبب لها من خسائر مادية.
ومع قطع الاتصالات عن جميع المشتركين تضررت بشدة أيضا شركات الكول سنتر ومطاعم الوجبات السريعة وغيرها من أصحاب الأنشطة التي تعتمد في ترويج خدماتها على التليفون قدر الدكتور حمدي عبدالعظيم خسائر بنحو 2 إلى 3 مليارات جنيه.
وقدرت خسائر الشرطة المصرية جراء تحطيم سيارات تابعة لها وإحراق عدد منها فضلا عن نفقات العلاج والتعويضات للقتلى وغيرها من التلفيات بنحو نصف مليار جنيه.
ومع قيام عناصر غاضبة ومهمشة بتحطيم وإشعال النيران في مقر الحزب الوطني الرئيس ومركز "أركاديا مول" التجاري الواقع في قلب القاهرة وسرقة فرع بنك "الاستثمار العربي" فضلا عن القيام بعمليات نهب متعددة لمحلات الملابس في مناطق بالقاهرة الكبرى وقد وصلت الخسائر جراء ذلك إلى نحو 5 مليارات جنيه.
ووفقا لما أكدته مؤشرات تقرير التنافسية العالمي لعام 2010 – 2011 تحتل مصر المركز 106 في مؤشر فاعلية قوانين الاحتكار من بين 139 دولة، فيما جاءت تونس في المركز 18، ويشير ذلك إلى أن قانون منع الاحتكار وحماية المنافسة لا يعمل بشكل فاعل في مصر، وفي مؤشر نسبة التضخم الذي يعكس موقف الأسعار احتلت مصر المركز 136 مقابل الـ85 لتونس، بما يعني ارتفاعات كبيرة في الأسعار، كما تأتي مصر في الترتيب 111 من بين 139 دولة في تقرير مكافحة الفساد وهو مركز يشير إلى زيادة معدلات الفساد، وكان ترتيب تونس الـ65 وتتقدم مصر على تونس فقط في مؤشر الضرائب والرسوم الأخرى التي تبلغ في مصر %42 في المتوسط مقابل %62 في تونس.
هذا وقد قررت مؤسسة ستاندردا ند بورز للتنصيف الدولي خفض التصنيف الائتماني المصري من BB+ إلى BB وقالت إنها قد تقوم بتخفيضات مماثلة وفقا لتداعيات الموقف وهي ثالث مؤسسة تصنيف دولي تتخذ هذا الإجراء خلال أسبوع.
وما زال تقويم المؤسسة يضع مصر ضمن الدول الجاذبة للاستثمارات الخارجية لكن التخفيض يعكس حالة قلق المستثمرين من استمرار المسيرات الاحتجاجية الشبابية برغم تعيين نائب للرئيس وتشكيل حكومة جديدة.
المصدر: محيط / كريم فؤاد